الأحد، 19 يونيو 2016

رمضان من أجل التعليم

رمضان من اجل التعليم
الخلوة - أولي مؤسسات تعليم بلا حدود في السودان
يقص علي والدي وهو معلم بالمعاش , أن أولي مراحل تعليمه كانت في الخلوة , حيث يدرس الاطفال اللغة و الرياضيات و الكتابة اولا , ثم لاحقا القرآن و الفقه و التفسير . وبعض الدروس عن مطالع النجوم و مواسم السنة والفصول - خصوصا السنة القبطية التي تقوم عليها الزراعة و الفيضان . ولمن شاء أن يكمل بعد ذلك الدراسة النظامية فإن الخلوة كانت محطة تأهيل أولية , ومن شاء أن يذهب للزراعة أو التجارة فإن ما يدرسه في الخلوة و تريبه علي الانضباط و الحضور و الانصراف و جمع الحطب وصناعة الحبر من السخام أو السكن - الكربون العالق في أسف أواني الطهي - و صناعة الاقلام من قصب الخوص . كل هذه الخبرات تجتمع لديه وتجعله مؤهلا لمواجهة الواقع في ذلك الوقت .
والخلوة تتميز بأنها إبنة المجتمع , حيث أن تمويلها يأتي من كل الناس , الميسورين و الاثرياء , المتوسطين , الفقراء , اصحاب النذور و الكفارات , حيث كان من المعتاد أن ينذر أفراد أسرة إن عاد لهم غائب او شفي لهم مريض أو ولد لهم مولود أن يقدموا نذرهم من مال أو دقيق أو طعام اليوجبات للطلاب . و بالمقابل فإن الشيخ قد يقدم المساعدات من ملابس للطلاب الفقراء بل وقد يستغل سلطته الاجتماعية في أن يستدعي أقارب الاطفال الايتام و يحثهم علي الانفاق عليهم وتوفير ملابس جديدة لهم , وقد يوبخهم إن لمس تقصيرا منهم . وقد يقوم بمنح اسرة الطالب الفقير قطعة ارض تزرعها او دواجن لتقوم بتربيتها .
إذا نحن امام مؤسسة لا تنفق عليها الدولة بل من المجتمع و إلي المجتمع , يوفر لها المجتمع الاتي :
1- التمويل و تلبية إحتياجاتها العينية والمادية
2- الاحترام لكل منسوبيها و طلابهاو لعاملين فيها
توفر له الخلوة الاتي :
1- مستوي معقول من التعليم لكل الاطفال بغض النظر عن وضعهم أسرهم المالي أو العرقي أو الاجتماعي , فإبن الامير أو ابن الخفير و الابيض و لاسود كلهم سواء أمام الشيخ , يفصلهم فقط التميز الاكاديمي في التحصيل و الحفظ و لفهم , و الخلوة مفتوحة للجميع
2- تدعم تعليم الاسر الفقيرة و تعزز من تعاضدد المجتمع مع بعضه البعض
3- توفر للمجتمع الحد الادني من المعرفة الذي يحتاجه الافراد في حياتهم اليومية و تربي الاطفال علي القيم النبيلة التي تسود في المجتمع
بالطبع منذ ذلك الوقت تطورت حوجة المجتمع للتعليم و ظهرت مؤسسات ووزرات معنية بالتعليم واصبح من مسؤوليات الدولة تحكمه قوانينها وضوبطها , لكن أعتقد انه لابد من دراسة نموذج الخلوة وتطويره لانتاج مدارس من المجتمع و للمجتمع ,
نحن بحاجة لمؤسسات بذكاء شيخ الخلوة , تدعم الطلاب الفقراء وتوفر لهم ملابس و اقلام ودفاتر وكراسات , توفر للمجتمع مدرسة تفتح أبوابها لابن الوزير وإبن الخفير ليتلقوا تعليما بمستوي معقول , مؤسسات تنتج من المجتمع و تنتهض من المجتمع . تحفظ للطالب و اسرته كرامتهم فلا يتسولوا من أحد ولاا يخرج إبنهم من الدراسة لضيق العيش .
هناك بعض التجارب , Education without Borders تعليم بلا حدود و منظمة ظلال الرحمة الخيرية و Wosool Humanitarian Care Organization و الكثير غيرها من المنظمات تقوم بجمع الكتب المدرسية القديمة و إعادة توزيعها علي المدارس التي تعاني نقصا في الكتب , هذا مثال لفكرة من المجتمع و الي المجتمع
تعليم بل حدود كحركة تغيير إجتماعي تقوم جميع مشاريعها اصلا علي فكرة إشراك المجتمع في دعم التعليم .
لكن كل هذه المجهودات تحتاج أن تكون أكثر ذكاءا , أكثر إبداعا , أكثر إلماما بالمجتمع , لعلها تصل يوما ما الي ذكاء و إبداع المجتمع الذي أنتج مؤسسة الخلوة .
‫#‏رمضان_من_اجل_التعليم‬
‫#‏التعليم_تغيير‬
تعليم بلا حدود | حركة تغيير إجتماعي